ويكليكس بين الحقيقة والخداع
                                 بقلم د.سلوى صابر

أثارت الوثائق الأمريكية التي نشرها موقع ويكليكس ضجة في الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء،وذلكلما احتوته من وجهة نظر البعض على معلومات تكشف عدد كبير من اسرار السياسية المخفية . ولكن قبل أن اتطرق إلي موضوع الوثائق أود أن أطرح عدد من الأسئلة التي قد تساعدنا في فهم بعض الامور التي قد تبدو مبهمة إلى حد كبير. أولاَ: كيفية تسرب هذا العدد الهائل من الوثائق الأمريكية والتى تعدت النصف مليون وثيقة ؟. ثانيا:لماذا اتخذت الحكومة الأمريكية رد فعل هزيل حيال ما يعتبر اختراق للأمن القومي؟.ثالتا: لماذا اقتصر حوالي 95%من الوثائق حول المنطقة العربية والعلاقات العربية العربية او العربية الأمريكية ، ولماذا لم تصدر اي وثيقة من المنطقة المركزية الأمريكية بقطر؟ رابعا:لماذا اقتصرت الوثائق على مجرد مراسلات خاصة بسفارات الولايات المتحدة الأمريكية ومقابلات مسئولين امريكيين لعدد من الشخصيات العربية ،ولم تحتوى على وثائق خاصة بالاستراتيجية الامريكية في المنطقة او تقارير استخباراتية او تقارير مجلس الامن القومي الأمريكي؟ خامسا:اذا لم تكن الوثائق مسربة وقامت الولايات المتحدة بنشرها عمدا عن طريق موقع ويكليكس فما هو الهدف الأمريكي من هذا الفعل ؟
ولكي نستطيع الرد على هذه الأسئلة يجب ان نفهم طبيعة الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط ن فمنذ قرون اقتصر لفظ احتلال على احتلال الأرض ثم تطور إلى احتلال اقتصادي ،وأخيرا ومع التطور التكنولوجي صار الأحتلال فكريا .فإذا أردت أن تسيطر على دولة ما فعليك في البداية أن تسيطر على عقول شعبها ،وهذا ما أردته الولايات المتحدة من وراء تسريبها لعدد من الوثائق التي تمس الدول العربية بشكل كبير ن فهي ارادت ان تخلق نوع من البلبلة والفوضي الفكرية يختلط معها الحقيقة بالخداع ويهتز معها عدم الثقة في أي شيء وكل شيء ،لكي تستطيع هي وبعد هذة الفوضي ان تفرض واقعا فكريا يكرس مصالحها واهدافها فى المنطقة .لكن الحقيقة الكاملة وراء تسريبات موقع ويكليكس سيظل خفيا مدة من الزمن حتى تصبح جزءً من التاريخ ويظهر مع الزمن من يستطيع كشفها، وحتى يأتي هذا الوقت ستظل وثائق ويكليكس المسربة بالنسبة لنا هي إما وثائق حقيقية سربت في غفلة من الأنظمة الأمنية الأمريكية ، او طريقة من طرق الخداع الأمريكيالتى طالما استخدمتها الادارة الامريكية لخداع شعوب وحكومات العالم.

No comments: